محمد أجراي :
إحتضنت قاعة” أنوال” بمدينة الدار البيضاء, بعد زوال يوم الجمعة 20ماي 2016ندوة تحت عنوان” الأمراض النفسية والعقلية بالمغرب: الواقع والآفاق. “من تنظيم جمعية” كرامة للأمراض النفسية والعقلية” ,من تأطير العديد من الأساتذة الدكاترة والمتخصصين في الأمراض النفسية والعقلية, في علم الإجتماع, في العلوم القانونية, بحضور كذلك مجموعة من الفعاليات الجمعوية, المدنية والحقوقية, إضافة إلى عائلات المرضى النفسيين خاصة منهم المرحلين من منتجع” بويا عمر” ,وكذا بحضور العديد من المنابر الإعلامية الورقية والإلكترونية, في غياب ممثلي أو مسؤولي وزارة الصحة والذي طرح أكثر من علامة استفهام علما أن الجمعية اشعرتهم باللقاء قصد تنوير الرأي العام.
انطلقت فعاليات الندوة بكلمة ترحيبية من طرف السيدة” إشراق بن علا” عضوة بالجمعية, وفي موجز مقتضب عرفت بالجمعية الحديثة العهد التي تم تأسيسها في 12مارس 2016والتي تضم عائلات وأهالي المرضى النفسيين والتي, وضعت نصب أعينها مد يد العون للمرضى وذويهم في ظل غياب دعم الدولة,خصوصا رفضها إيواء المرضى بالمستشفيات الجامعية. بعدها أخذ الكلمة السيد رئيس الجمعية” مصطفى مستقيم” ,مبرزا مدى معاناة عائلات المرضى, حاثا على ضرورة التتبع بعد الاستشفاء, متسائلا عن دور الأسرة في معالجة الظاهرة, دور الإعلام بالتحسيس بالمرض, دور الهيئات القضائية في إصدار الأحكام.
بعده تناولت الكلمة السيدة” منى ساجد” مؤكدة دور الجمعية في معالجة وادماج المرضى من طرف العائلات أنفسهم بعد تخلي الدولة عنهم, وذلك من خلال تنظيم ندوات وحلقات للتحسيس, إنشاء ورشات, التنمية الذاتية, الترفيه, العلاج النفسي, تنظيم رحلات, بحيث أن المريض يصبح عالة على ذويه ويشكل خطرا على محيطه, معللة تدخلها بمجموعة من الوقائع وابشعها ما, حصل بدوار لقدامرة مؤخرا بعد إقدام المريض على التصفية الجسدية لعشرة أفراد, ليتحول من مريض نفسي إلى سفاح نتيجة غياب التتبع والإهمال الذي يطال هذه الفئة من طرف الدولة.بعدها مباشرة تناول الكلمة الدكتور الأخصائي” رضى امحاسني” الذي تحدث باسهاب عن المرض مؤكدا أن المريض النفسي تتكلف به عائلته وخاصة الأم وحدها هي التي تعيش المعاناة والويلات, واعتبر المرض ظاهرة ديمقراطية تسكن جميع البيوت سواء الفقيرة أو الغنية, كما أن المريض يعتبر نفسه غريبا داخل محيطه من خلال العديد من التمثلات, وأن العلاج يجب أن يتم عند الحالات القصوى كالانتحار أو القتل.
أما عن وضعية المستشفى الجامعي بالبيضاء, فطاقته الاستيعابية لا تتجاوز 40سريرا, أما الأخصائيين فهناك 4عبر التناوب ويمكن لكل واحد منهم الوقوف على 90حالة وهذا بالأمر الغريب,وهذا لايكفي للعدد الهائل لهذه الحالات, مما يؤكد عجز الدولة على تحمل مسؤوليتها في معالجة الظاهرة. فهناك مصحة واحدة مختصة بالعاصمة الإقتصادية وتكلف المريض 3200درهما لعلاج ليلة واحدة. واسترسل الدكتور في مداخلته أن العلاج ممكن إذا توفرت الشروط بتشخيص واقعي للمرض, وختم بأن الصحة هي جودة الحياة النفسية, الإجتماعية والمهنية. من الناحية القانونية تدخل الأستاذ” مصطفى المانوزي” رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي تمن المداخلات السالفة وأوضح أن مقابل الإنتظار هو الاحتضار, معربا عن تشاؤمه من الوزارة الوصية خاصة والدولة عموما, فلابد من توفير الحماية الضرورية للمرضى أقل من 18سنة عوض تركهم عرضة للشارع وهذا في حد ذاته وصم, كما ذكر بأن لا يتم الخلط بين المعاق والمعوق, كما لح على ضرورة توفير بنيات الإستقبال لتأهيل المرضى, وإنشاء مراكز لمناهضة الوصم.
آخر تدخل كان للأستاذ الباحث في علم النفس والاجتماع الدكتور” عبد الجبار شكري” الذي عرف بالمرض في الثقافة الشعبية والثقافة الأكاديمية عبر العصور, حيث أن الابستيمولوجيا تعطي للظاهرة خصوصية عصرها مدليا بامثلة عديدة كأن المريض مصاب نتيحة المس بالجن عند المغاربة في الثقافة الشعبية أو المرجعية الدينية.
كما طرح سؤال عريض من طرف أعضاء الجمعية: للعلم أن عدد المرحلين من ضريح” بويا عمر” هو 800 نزيل حسب وزير الصحة” الوردي” الآن حسب الإحصائيات يتواجد 500فقط أين اختفى 300الآخرين? بعد المداخلات فتح باب النقاش وهنا تكشف أوراق ومعاناة المتدخلين, الذين هم من عائلات المرحلين من” بويا عمر” حيث أن الشهادات كانت صادمة, فهناك من خريبكة سيدة تقول” الللهم بويا عمر” كنت حدا ولدي, مقابلاه عايشة بالللي كاين, اليوم نجيبو من خريبكة للدار البيضاء أو مايديرو ليه والو” سيدة أخرى من وادي زم” خويا كنا في بويا عمر” هانين مرتاحين دابا ولينا نعيشو معاه الجحيم,فين كلام” الوردي” لا دواء, لا سرير, ضحكو علينا, الله ياخد فيهم الحق. سيد من البيضاء” أنا ولدي كنت كاري ليه في” بويا عمر” مرة تمشي أمه تجلس معه, مرة نمشي أنا دايرين ليه الخاطر, خرجوه لينا دابا أحنا كنعانيو كيبغي يقتل, اضرب, ملي كنتاصلو بالسلطات, كيقولو لينا أحنا مانجيوش, شدوه اوديوه لبرشيد,كنحاول معاه نديوه للسبيطار كيحقنوه, كيقولو لينا ديوه دابا راه لاباس, أحنا نديوه ايوا عطيونا شهادة طبية باش إلا دار شي حاحة نحميو ريوسنا, لا اسيدي مانعطيوك والو, ايوا شكون اتحمل المسؤولية? .
سيد آخر يحكي عن معاناته مع إبنه يتيه عن البيت يناشد الجمعية بالتدخل الفوري لإيجاد الحل. شهادات صادمة ولا آذان صاغية للواقع المرير الذي تعيشه العائلات. بعد التدخلات اختتمت الندوة بالعديد من التوصيات أهمها: ضرورة توفير جلسات الإستماع للضحايا, تحمل الدولة مسؤوليتها من الجانب القانوني, ضرورة رفع مذكرة للوزارة الوصية.
اترك تعليقاً