بقلم : أحمد بوعطير
بمجرد ما انفجرت قضية سعد لمجرد بفرنسا ، حتى سارع العديد من المغاربة من فيسبوكيين وفنانين ومسؤولين إلى التضامن معه دون التريث لمعرفة حقيقة ما وقع، ودون انتظار معرفة نتائج البحث التي تجريها مصالح الأمن بفرنسا وبعدها قضاة المحكمة ، وبتضامننا هذا نكون أهدينا لأعدائنا قبل أصدقائنا فرصة سانحة للطعن في مصداقياتنا كمغاربة، وفي مصداقية قضائنا لأننا تدخلنا في هذه القضية محاولين استباق الأحداث، دون أن نعلم أن فرنسا لا تفرق بين فنان مشهور ومتشرد فالقانون يسري على الجميع بدون استثناء ، ولمن لا يصدق ذلك عليه الرجوع إلى أرشيفات الشرطة ، وسيجد محاضر أنجزت في حق العديد من الفنانين والممثلين والرياضيين الفرنسيين المشهورين ليس بفرنسا فقط، بل على الصعيد العالمي وهناك العديد من الأثرياء وأبنائهم قد تم إيداع العديد من بسجون فرنسا بسبب ارتكابهم لمخالفات مرورية أو جنحية أو جنائية، فالقانون في فرنسا فوق الجميع ولا أحد بإمكانه استعمال الهاتف للتدخل وطمس القضية وهي في مهدها .
مشكلتنا نحن المغاربة أن عاطفتنا تسبق عقلنا وتجعل الأمور تختلط علينا، فنعتبر أن كل إجراء أمني أو قضائي في حق شخص من طينة سعد لمجرد وخارج الوطن، هو مؤامرة دنيئة نصبها له الحساد وأعداء النجاح، وأن الحادث مدبر بشكل متعمد لإجهاض المسيرة الفنية لسعد لمجرد ، علما أن بعضنا ينسى أو يتناسى أن سعد لمجرد كان قد وجهت له نفس التهمة في أمريكا سنة 2010 وهو ما زال نكرة في المجال الفني ،بل لم يكن أغلب المغاربة يعرفون حتى أسمه وأنه أبن مغني وممثلة معروفان على الصعيد الوطني والعربي.
وتزداد الأمور سوادا وقتامة حين نعلم أن قنصلية وسفارة المغرب بفرنسا تتدخل بدورها على الخط ،ولو على افتراض أنها تحاول استقصاء الحقيقة، كذلك زلة لسان وزير الثقافة المغربي، محمد الأمين الصبيحي الذي أوضح من خلال تصريحات صحفية على اجراء الوزارة اتصالات مع السلطات الفرنسية من أجل توضيح هذه المسألة، وأنهم يتابعون القضية ” باهتمام كبير”.
وتابع الوزير قائلا إن “لمجرد نجم كبير في الأغنية المغربية، ونحن سوف نفعل كل ما هو ضروري من أجل حل المشكلة”.
وتمعنوا في كلمة ( ضروري ) التي قد تعني لكل متمعن في تصريحات الوزير أن هذه الضروريات قد تكون قانونية أو غير قانونية ، لكن السؤال المطروح هو كم عدد المغاربة القابعين في بلاد الغربة ظلما وعدوانا ، هل تتوفر قنصليات المغرب وسفاراتها على ملفات ومحاضر لهؤلاء، هل تتدخل هذه السفارات والقنصليات لتتبع قضاياهم وانتداب محامين لتتبع محاكماتهم ، هل تساهم هذه القنصليات والسفارات في مساعدة المتوفين منهم في قضايا قتل غادرة بالسلاح الأبيض أو بالرصاص لنقل جثامينهم للمغرب ، لو كان ذلك يتم ما كان لدوي المتوفين أو المسجونين أو العالقين في بلاد الغربة، التوجه نحو الشبكة العنكبوتية لطرح مشاكلهم ، ولا تنسوا قضية المغربية التي فجرت فضية اعتقالها واغتصابها من طرف زوجها وأصدقائه بالسعودية، وكانت قضيتها ستضل في طي الكتمان لو ظلت تعول على تدخل السلك الدبلوماسي بهذه الدولة الشقيقة ، وهؤلاء الفيسبوكيون الذين انتفضوا بهذا الشكل ولو بنية حسنة ، هل يتضامنون مع المقهورين بهذا البلد السعيد الذين يواجهون الظلم والمؤامرات والأباطيل بشكل يومي، من طرف بعض المسؤولين والنافدين، الذين يستغلون مناصبهم للزج بهم في السجون أو إفراغهم من مساكنهم أو طردهم من عملهم أو نزع أراضيهم وتشريدهم وتشريد عائلاتهم بطرق ملتوية وهضم حقوقهم ، مستغلين سذاجة البعض منهم وعدم إلمامهم بالقوانين وعدم قدرتهم على تنصيب محامين نظرا لفقرهم ، فنقرة واحدة على باب العم ( غوغل ) ستفتح المجال لكم أمام ضواهر وكوارث من هدا النوع تدمع لها العيون، لكن لا أحد يتضامن معهم لسبب بسيط أنهم غير معروفين وغير مشهورين ، لهدا نقول لهؤلاء المتضامنين مع سعد لمجرد ونحن نتمنى أن يكون بريئا من التهمة المنسوبة إليه، بأن سعد لمجرد له من الإمكانيات المادية ما يجعله ينتدب أشهر المحامين بفرنسا ليس من أجل البحث عن التضامن، بل البحث عن كل الحقائق والأدلة التي قد تبرأه من التهمة المنسوبة إليه لأن ما وقع في غرفته بالفندق لا يعلمه سوى الله ، علما أن تمديد سجنه وإلغاء حفله جاء بعد ضهور معطيات جديدة، تفيد حسب ما أوردته بعض المواقع الإلكترونية والجرائد الورقية أنه كان تحت تأثير الكحول والمخدرات الصلبة ، كذلك وجود كدمات وجروح طفيفة بجسد الضحية .
أدن لا تتسرعوا في تضامنكم مع سعد لمجرد ، فأنتم بذلك تسيرون لأنفسكم وللمغرب ولقضائه ولقوانينه ، لأننا نخاف ذات يوم أن يطلقوا علينا دولة التضامن في كل شيئ، بدل مملكة المغرب التي نعتز ونفتخر بالانتماء إليها ولتربتها.
اترك تعليقاً