قصة فتيحة أو بالأحرى مأساتها تصلح لكي تكون موضوعا للتدريس بالأسلاك التعليمية بمختلف أسلاكها ، حتى تستوعب بعض التلميذات أو الفتيات خطورة ما ينتظرهن، في حالة إقدامهن على مغادرة منازل أسرهن في لحظة طيش أو غضب أو تهور نتيجة بعض المشاكل الأسرية أو العاطفية ، حيت غالبا ما تنتهي بهن مثل هذه المغامرات بمآسي اجتماعية تقلب حياتهن رأسا على عقب، وتجعهلن يعشن في جحيم لا يطاق، ويصبحن في لحظة ضعف يفضلن الموت على تلك الحياة المحفوفة بكل أنواع المآسي الاجتماعية ، في ظل وجود ذئاب وذئبات بشرية لا يعرفن طريقا نحو الرحمة والشفقة.
فتيحة ابنة المحمدية دفعتها ضروف العيش القاسية والمشاكل الأسرية التي كانت تتخبط فيها إلى مغادرة المدينة وعمرها لا يتجاوز 14 سنة ، قادها تفكيرها للسفر نحو مدينة مراكش وهي تطمع في إيجاد عمل يقيها عوائد الزمان، لكن إحدى النساء الخبيرات في مجال اصطياد الفتيات الهاربات من منازلهن اقتربت منها، وشرعت في كسب ودها لتتأكد من تخميناتها، ولما عرفت حقيقة أمرها شرعت في إمطارها بوابل من عبارات الحب والحنان والعطف، مدعية أنها ستساعدها في إيجاد عمل لكن بمدينة اليوسفية، دون أن تدري الطفلة بسبب صغر سنها أن فرص الشغل منعدمة بهذه المدينة ، اللهم بعض الأعمال الشاقة في الحقول المترامية بأطراف المدينة، لكن بمجرد وصولهما لمدينة اليوسفية سلمتها السيدة طبعا بمقابل مادي للمسماة تورية التي تدير شبكة للدعارة بتعاون اثنين من شقيقاتها، زاعمة لها بأن تورية ستكون سندها وستقف بجانبها في السراء والضراء ، لكن بعد مرور أيام معدودة طلبت منها الاستحمام والتزين وأهدتها ملابس مثيرة، لتشرع في تقديمها هدية لزبنائها الراغبين في التلدد بطفلات صغيرات طبعا تحد الضغط والتهديد والإكراه.
ظلت فتيحة رهينة شبكة الأخوات الثلاث لمدة 5 سنوات تقريبا ، تلبي طلبات الزبناء بوساطة من إحداهن التي كانت تقبض المبالغ المالية مسبقا على حساب جسد فتيحة، حيث كانت تعدها الأخوات الثلاث بكونهن يدخرن طرفا من الأموال لفائدتها حيت سيصبح لها رصيد محترم، إضافة إلى أن جزء منه مخصص للتغدية وشراء بعض الملابس لها، لكن حين طالبت الفتاة بما اعتبرته أموالا مستحقة لها حتى قامت الشقيقات بطردها من المنزل، لتقوم بكراء غرفة بالمدينة داتها، وشرعت تجوب شوارع سيدي بنور بحثا عن زبناء تلبي رغباتهم الجنسية مقابل دراهم معدودة، لم تعد تكفيها لأداء واجب الكراء وتوفير لوازم ” البلية ” التي تتكون من قطع من المخدرات وليترات من مسكر ماء الحياة.
أصبحت فتيحة معروفة في شوارع سيدي بنور ومشهورة بلقب ” البيضاوية ” ليس لدى طالبي اللذة الجسدية فقط ، بل كذلك للمنحرفين والمتشردين فكل شيئ يهون في سبيل الحصول على ما تحتاجه من حشيش و ” ماحيا”، وهو ما كان يؤدي بها أحيانا إلى التعرض للاغتصاب الجماعي، أو التعرض لإعتداءات جسدية، كما وقع لها حين رفضت الإنصياغ لأمر أحد المنحرفين بالمكوث فوق عربته المجرورة ” كرويلة ” إلى حين مرور إحدى دوريات الأمن التي كانت تجوب محيط السوق الأسبوعي ،وحين حاولت الاستنجاد برجال الأمن خوفا من المنحرف الذي لا شك أنه كان يحاول اغتصابها بمجرد اختفاء سيارة الأمن، سقطت من فوق العربة بسبب حالة السكر التي كانت عليها، لتصاب بعدة جروح نقلت على إترها للمستشفى لتلقي العلاجات الضرورية ،قبل إحالتها على مصلحة الشرطة القضائية، وهناك ستبوح لعناصر الشرطة بمأساتها التي كان سببها الأخوات الثلاث في شبكة الدعارة المختصة في اقتناص الفتيات القاصرات الهاربات من أسرهن، ومن حسن حظ فتيحة أن فتاة قاصرة أخرى تسمى شيماء، كانت قد تقدمت بدورها بشكاية في الموضوع علما أن فتاة أو إن أصح القول طفلة أخرى لا يتجاوز عمرها 14 سنة قد هربت من منزل الدعارة وهي حامل وتلقفتها إحدى الجمعيات التي قامت بدورها بالتبليغ عن الأخوات الثلاث.
تحركت عناصر الأمن بإرشاد من فتيحة وشيماء نحو منزل الدعارة، وتم اعتقال المسماة تريا وشقيقتها الغالية ،قبل الإنتقال إلى منزل أختهن الزاهية التي تقطن بعيدا عنهما والتي تقوم هي الأخرى بنفس الأدوار المتعلقة بالوساطة في الدعارة ،حيت حجز لديها مبلغ مالي ضخم حاولت التخلص منه أثناء تفتيش منزلها ،وأكدت لرجال الشرطة أنه متحصل من عمليات الوساطة .
اعترفت الأخوات الثلاث بكونهن دخلن أبواب الدعارة من أوسع أبوابها، نتيجة لمعاناتهن من ظروف اجتماعية قاسية دفعت بهن إلى مغادرة قريتهن صوب مدينة سيدي بنور، واكتراء منزل خصصنه لإستغلال فتيات وتسخيرهن لتلبية الرغبات الجنسية للزبناء مقابل مبالغ مالية
اترك تعليقاً