ماكل مرة تسلم الجرة ، مثل قد ينطبق على رجلين في عقدهما الخامس قررا أن يحصلا على الأموال بأسهل الطرق، فتفتقت عبقريتهما على شراء أصفاد من شمال المملكة وجهازين للإتصالات اللاسلكية، ليوجها سهامهما نحو دكاكين بيع التبغ بالمحمدية يختارانها بعناية، وغالبا ما يكون بداخلها أناس يبدون بالنسبة إليهم سذجا أو من بين كبار السن ، وكانت الخطة تقتضي في بادئ الأمر تسخير بعض الأشخاص أو تقدم واحد منهما شخصيا نحو البائع لشراء بضعة سجائر بالتقسيط طبعا تكون مرفوقة بورقة أو ورقتين ل ” نيبرو” ، بعدها يلجآن إلى الخطة الثانية وهي الكشف عن هويتهما للبائع بكونهما من عناصر الشرطة، وهما يستظهران في هذا الشأن الأصفاد ، ويشرع واحد منهما في التظاهر بكونه يحاول ربط الاتصال مع عناصر أمنية في الخارج عبر جهز اللاسلكي من أجل الحضور وتفتيش المتجر، واعتقاله بدريعة عدم قانونية ما قام به، ويمطرانه بسيل من الإتهامات الخطيرة التي ستقوده للسجن ، مع تدخل الجمارك على الخط لفرض غرامات مالية عليه تعد بالملايين، وهو ما يجعل الضحية يرتعب وترتعد فرائضه، ويبحث عن منفذ للخروج من هذه الورطة عبر استعطافهما، وبمجرد تأكدهما بأن الضحية قد ابتلع الطعم دون أن يلاحظ الفرق بين الأصفاد والجهازين اللاسلكيين الذين بحوزتهما وتلك الخاصة بالأمن، حيت هناك فارق كبير بينهم، ليدخل معهما في مساومات مالية قد تنطلق أحيانا من 1000 درهم وقد تصل إلى 3500 درهم.
ضحاياهم من بائعي التبغ بالمحمدية كثيرون لكن ثمانية فقط منهم تعرفت عليهم المصالح الأمنية ، فأغلبهم فضلوا الركون إلى الصمت ظنا منهم أن الأموال التي منحوها لضابطي الأمن المزوران قد أنقدتهم من غياهب السجن، وهو ما كان يشجع النصابان على الإستمرار في القيام بمهامهما إلى حين بدأ العد العكسي لغزواتهما، وكانت بدايتها بقيام أحد الباعة بالإتصال بمشغله طالبا منه إحضار مبلغ مالي ، لكونه لا يتوفر على الأموال الكافية للتفاهم مع شرطيان ضبطاه يبيع السجائر بالتقسيط وورق ” النيبرو”، لكن المشغل بدل أن يستجيب لطلبه، اتصل بالمصالح الأمنية من أجل التأكد من حقيقة ما يقع بدكانه، في تلك الفترة كان النصابان قد غادرا الدكان كإجراء احتياطي بعد أن تأكدا أنهما لن يجنيا أي شيء من وراء البائع وأن مكوثهما بالدكان قد يكشف أمرهما .
حلت عناصر أمنية بالدكان قصد استجماع معلومات حول هوية الضابطين اعتقادا منها أنهما ينتميان للمنطقة الإقليمية للأمن بالمحمدية ، وكان الحظ بجانب صاحب الدكان ، فقد سجلت إحدى الكاميرات كل الوقائع منذ دخولهما إلى الدكان ومغادرته على مثن سيارة رفيعة ، وهو ما سهل مأمورية العناصر الأمنية التي تفحصت فحوى قرص الكاميرا، فتبين لها بوضوح وجه هذان الشخصان وأن لا علاقة لهما بجهاز الأمن بالمحمدية، وبتنقيط أرقام السيارة اتضح أنها مكتراة من وكالة للسيارات بالبيضاء، فانتقلت فرقة أمنية إلى هناك وبالتنسيق مع صاحب الوكالة تم رصد السيارة عن طريق تقنية ” ج،ب،س ” بأحد شوارع البيضاء،فتم شل محركها من طرف صاحب الوكالة، فيما ظلت العناصر الأمنية تراقبها من بعيد إلى حين حلول السائق الذي بمجرد ما حاول فتح أبوابها ، حتى أحاطت بها العناصر الأمنية وتم تصفيده، وبتفتيش السيارة تم العثور على أصفاد بداخلها ، ليتم اقتياده نحو منزله وإجراء تفتيش عليه لم يسفر عن أي شيء يذكر، ليرشدهما على منزل شريكه، وبتفتيشه بدوره تم العثور بداخله على جهاز لاسلكي خاص بشركات الحراسة، وأمام هذه القرائن لم يجد المتهمان سوى الاعتراف بعملياتهما الإجرامية، حيت أرشدا المحققين لبعض باعة التبغ بالمحمدية اللذين نصبا عليهم، من بينهم بائع نسيا لديه جهاز لاسلكي في غمرة الارتباك، وظل هذا الأخير يحتفظ به في انتظار عودتهما معتقدا أنهما شرطيان حقيقيان، دون أن يجرؤعلى إشعار المصالح الأمنية، وقد تم تقديم المتهمان يوم السبت الماضي إلى محكمة الاستئناف بالبيضاء من أجل متابعتهما بالمنسوب إليهما.
اترك تعليقاً