بدعم من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، نظمت شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية، ندوة افتتاحية لإطلاق مشروعها الجديد 2015-2016 المعنون بـ ” الجماعات الترابية وحقوق الإنسان ” تحت شعار ” أي دور للفاعل الترابي في تفعيل الأهداف الإنمائية لما بعد 2015 ” وذلك يوم السبت 27 فبراير 2016 بمسرح عبد الرحيم بوعبيد بمدينة المحمدية.
وحسب تقرير في الموضوع توصل به موقع ” ميديا لايف “، فأهمية هذا المشروع حسب محمد سيما رئيس شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية في كلمته التقديمية، تأتي لوقوف الشبكة من خلال اشتغالها و تفاعلها مع مجموع الجماعات الترابية المحلية بعمالة المحمدية، وانطلاقا من تشخيصها لواقع هذه الجماعات الترابية كل على حدة، لأن هناك نقصا كبيرا في الاستجابة للخدمات الأساسية للساكنة المحلية، خاصة على مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والسكن اللائق والنقل العمومي والشغل والبنيات التحتية الرياضية والثقافية …، وهذا ما يفسر اختيار شبكة الفضاء الحر للمواطنة والتكوين والتنمية بالمحمدية لهذا المشروع الجديد، مع التركيز على محور ” الأهداف الإنمائية للتنمية لما بعد 2015 “، وذلك من أجل لفت انتباه الفاعلين الترابيين إلى ضرورة إعطاء المشاريع والبرامج التنموية للجماعات الترابية بعدا حقوقيا، على اعتبار أن الأهداف الإنمائية لما بعد 2015 من المفروض أن يتقيد بها الفاعلون العموميون والمشتغلون بالسياسات العمومية الوطنية والمحلية أثناء رسم السياسات العمومية على مختلف مستوياتها.
خالد اليمني ممثل المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان في أشغال هذه الندوة الافتتاحية. اعتبر في كلمته خلال الجلسة الأولى باسم المندوبية الوزارية ، أن مشروع الشبكة الجديد يدخل في إطار تعزيز الشراكة بين المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وذلك سعيا من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان إلى تعزيز إعمال حقوق الإنسان تحقيقا للأهداف الإنمائية لما بعد 2015، وهو الأمر الذي يستوجب اليوم ضمن استراتيجية المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان الاشتغال مع منظمات المجتمع المدني، وذلك بالانتقال من المستوى النظري إلى المستوى العملي والتطبيقي، من خلال الاشتغال مع الجماعات الترابية التي تعتبر فاعلا أساسيا في التنمية المحلية، دون إغفال تقوية قدرات المجتمع المدني في مجال الحماية والنهوض بحقوق الإنسان على المستوى المحلي.
أما أحمد بردوحي عضو المكتب المسير للشبكة، فقد استعرض الخطوط العريضة للمشروع موضوع أشغال هذه الندوة الإفتتاحية، حيث أكد أن أنشطة المشروع سوف تغطي جهة الدارالبضاء سطات على امتداد 12 شهرا. ويبقى الهدف العام من المشروع ككل كما جاء في تقديميه لمحاور المشروع : في المساهمة في تعزيز إعمال مبادئ حقوق الإنسان في السياسات العمومية والبرامج التنموية المحلية. أما أنشطة المشروع فتتضمن دورات تكوينية، أولها حول ” إدماج المقاربة الحقوقية والعدالة الاجتماعية في إعداد البرامج التنموية المحلية ” ، وثانية حول ” المداخل والآليات القانونية لتتبع وتقييم السياسات العمومية محليا في علاقتها بالأهداف الإنمائية لما بعد 2015 ” ، إضافة لدورة تكوينية ثالثة حول ” تقنيات الرصد وصياغة التقارير الدورية ” ، على أساس أن تتوج أنشطة المشروع بإنتاج دليل عملي يتضمن المرجعيات القانونية والحقوقية والتقنية وآليات ومؤشرات رصد وتتبع وتقييم السياسات العمومية المحلية ومدى إدماجها لقيم العدالة والمساواة والإنصاف والمشاركة المواطنة.
الجلسة الثانية من أشغال هذه الندوة الافتتاحية عرفت مداخلتين تأطيريتين: الأولى حول ” أهداف الألفية الإنمائية من خلال قراءة في التجربة المغربية “، أكد في بدايتها الأستاذ مصطفى بوحدو الخبير في التنمية المجالية على أهمية الموضوع المطروح في المشروع الجديد للشبكة، والذي يتجاوز البعدين الإقتصادي والاجتماعي، إلى البعد المتعلق بالحكامة في التنمية. كما أكد أن الغاية من أهداف الألفية الإنمائية تتجلى في خلق إطار دولي للتنمية في إطار التعاون الدولي، ولفت الانتباه إلى ضرورة التمييز عند الحديث عن التنمية بين مفهومي التنمية الاجتماعية والتنمية البشرية كمفهومين مختلفين. فإذا كانت التنمية الاجتماعية تهم النهوض بالقطاعات الأساسية في حياة المواطنين من صحة وتعليم وماء صالح للشرب…، فإن التنمية البشرية تهم تأهيل وتمكين العنصر البشري وتقوية قدراته لتيسير إدماجه في النسيج الاقتصادي والاجتماعي. كما ذكر بمختلف المحطات الدولية الهامة التي ناقشت قضايا التنمية على الصعيد العالمي، كقمة الأرض بريو دي جانيرو سنة َ1992، وقمة السكن سنة 1994 بالقاهرة، وقمة كوبنهاغن حول التنمية الاجتماعية، ومؤتمر بكين حول المرأة سنة 1995. أما تنزيل الأهداف للألفية الإنمانية فإن ذلك في نظره رهين بربطها بالتنمية الديموقراطية وبالمساءلة السياسية للفاعلين العموميين في تحقيق التنمية الاجتماعية.
وفي هذا الإطار سجل غياب انخراط السلطات العمومية ببلادنا في تنزيل الأهداف الألفية الإنمانية بشكل يستجيب لالتزامات المغرب الدولية، إضافة لضعف الأداء البرلماني في مساءلة السلطات العمومية، ومن بينها الحكومة عن مدى أخذها بعين الاعتبار لهذه الأهداف في سياساتها العمومية ومشاريعها وبرامجها. وتبقى مجالات التربية ومقاربة النوع الاجتماعي والصحة والبيئة بمفهوم التنمية المستدامة، من العناصر الأساسية التي يرى ضرورة التركيز عليها في التنمية الاجتماعية. كما سجل ضعف انخراط النقابات والمجتمع المدني في المطالبة بتنزيل الأهداف الألفية الإنمانية.
الأستاذة خديجة الرباح اعتبرت بدورها خلال أشغال هذه الندوة الافتتاحية من خلال معالجتها لمحور ” أي دور للمجتمع المدني في تفعيل الأهداف الإنمائية لما بعد 2015، ” أن أهداف التنمية المستدامة ليست فقط أجندة للتنمية، بل تبقى إطارا مؤسساتيا مهما للمساءلة على المستوى الدولي والإقليمي والوطني. وأشارت إلى أنه على الرغم من بين المزايا العديدة للأهداف الإنمائية للتنمية، فـإنها تبقى محدودة التأثير لعدة أسباب أشارت إلى بعضها، كضعف المقاربة الشمولية وعدم الانتباه إلى تداخل البعد الدولي والإقليمي والوطني، وتوجيه الإهتمام إلى أعراض المشاكل وليس إلى نتائجها، وضعف الاشتغال بالمقاربة الحقوقية، وتوجيه الاهتمام نحو البعد الاجتماعي وعدم التركيز على الأبعاد الأخرى.
أما عن الأدوار التي يمكن أن يقوم بها المجتمع المدني في متابعة أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015. فتتمثل من وجهة نظرها، في أولا في ضبط أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015. والتمكن من معرفة مخرجات المنتدى العربي للتنمية المستدامة ثانيا. والتعرف على الأولويات التي ثم الإعلان عنها من طرف وزراء العرب للشؤون الاقتصادية ثالثا، هذا فيما يخص المستوى المعرفي. أما فيما يخص المستوى العملي من أجل المتابعة والمساءلة، فهي تهم على المستوى الوطني متابعة ومساءلة الحكومة والقطاعات الوزارية حول مختلف الإجراءات والتدابير التي اتخذتها لتفعيل أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015، والنتائج المحققة في هذا الإطار ضمن التزامات المغرب الدولية. أما على المستوى الدولي والإقليمي، فمن خلال التفاعل مع مؤسسات التمويل الدولية والمنظمات الدولية والإقليمية، والترافع أمام هذه الأخيرة من أجل أن تكون التمويلات المقدمة من طرفها للمغرب في اتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015.
حضر أشغال هذه الندوة الافتتاحية ممثلون عن منظمات مدنية محلية من داخل وخارج مدينة المحمدية، وممثلون لأحزاب سياسية ومنظمات نقابية على المستوى المحلي، ومستشارون وموظفون جماعيون، وفعاليات مدنية محلية ومنابر إعلامية.
اترك تعليقاً