بقلم : محمد أجراي
لعل المتتبع للشأن السياسي, والحراك الدائر بمنطقة الخليج, سيضع عدة تساؤلات فيما يخص الوضع الذي تعيشه المنطقة منذ إعلان الثورة بإيران, وزوال الحكم الملكي للامبراطور”الشاه محمد رضا بهلوي” .فالعلاقات السعودية الإيرانية في عهد الملكية الإيرانية كانت تتسم بالتعاون الجاد بين البلدين, والحفاظ على الأمن والاستقرار منذ 1927إلى غاية سقوط الملكية البهلوية.
وبعد بزوغ الثورة الإيرانية, أصبحت المنطقة بؤرة للعديد من الحروب التي مازالت ترخي بضلالها على واقع المنطقة الخليجية. فالثورة الإيرانية إختارت منذ الوهلة الأولى, الصراع مع جيرانها المختلفين عنها طائفيا, ولربما النقطة التي افاضت الكأس آنذاك هي ايديولوجيا تصدير الثورة بشتى الطرق, عبر المليشيات أو القوى الموازية للدولة في المواجهات, لتدخل المنطقة زمن العصابات واضحت الحروب تشتعل بفعل هذه الجماعات التي, أخدت قرار الحرب والسلام بيدها و يتحمل البلد الويلات والنتائج مثل ما حدث في لبنان بفعل “حزب الله” .ولعل أبرز صراع عرفته المنطقة في الثمانينات الحرب العراقية الإيرانية, التي تكبد فيها البلدان الخسائر الجسيمة على المستويين البشري والاقتصادي, ليدخل” صدام حسين” في مشكلة كبيرة, مع المجتمع الدولي والعالم العربي, وكانت إيران المستفيد الأكبر خاصة بعد حرب الخليج الثانية والانسحاب الأمريكي,ليفسج المجال لإيران ووسعت نفوذها وأصبحت مليشيات موالية لها تتسع على نطاق واسع بزرع جماعات اججت من خلالها إيران, الأزمة في كل من سوريا, العراق, لبنان واليمن بتصدير السلاح للمليشيات التي تهدد سلامة وأمن المنطقة, من أجل خلق أمر واقع جديد في جغرافية المنطقة يعزز مصالحها عبر زعزعة الإستقرار لإضعاف الآخرين.
اليوم أعلنت السعودية, قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران, وطردت السفير الإيراني من الرياض, كما أوقفت رحلات الطيران والتجارة, جراء الاعتداءات على سفارتها وقنصليتها بكل من” طهران” و” مشهد” ,كما نددت العديد من الدول بالاعتداء الشنيع واعتبرته خرقا سافرا, للمواثيق الدولية المعلن عنها ب” فيينا” ,واتخذت البحرين موقفا مماثلا للسعودية ثم الإمارات مع وقف التنفيذ وكذلك بعض الدول العربية كالسودان رغم كل الاعتذارات التي قدمتها إيران للسعودية, لأن حسب الجميع, فإعدام الإرهابيين هو شأن قضائي داخلي يهم العربية السعودية لوحدها, ولن يكفي إيران رسالة مبعوثها إلى الأمين العام للمنظمة الدولية” بانكي مون” للتعبير عن الأسف لما حصل والتعهد بعدم تكرار ماحدث.
ويبدو أن قرار جامعة الدول العربية بعقد إجتماع غير عادي الأحد القادم لوزراء خارجياتها بطلب من السعودية, لإدانة ماتعرضت له قنصليتها وسفارتها, سيضع بين طياته العديد من المواقف المحرجة لإيران والتي ستضعها في عزلة بالمنطقة, في ظل غياب الوساطة الدولية من بعض الدول ك” تركيا” التي تطبع علاقتها بها العديد من التوثرات في الآونة الأخيرة, باستثناء روسيا وحدها. وفي ظل غياب الفراغ الوسيطي, ربما سيكبر الخلاف السعودي الإيراني وستتوثر المنطقة الملتهبة. فهل ستحول إيران الخلاف والصراع الجيوسياسي, وكذا الإنتاج البترولي إلى قضية بعنوان” الشيعة” ?في حقيقة الأمر لم يعد لإيران علاقات جيدة في العالم الإسلامي, بعدما كانت لها تكثلات تساندها, فمعظم الدول الإسلامية أصبحت مقاطعة لها أو منزعجة منها أخرها” أندونيسيا والسودان” ,كما فقدت حلفائها من الدول العربية الأخرى التي استثمرت فيها لسنوات منذ تدخلها العسكري في سوريا.
اترك تعليقاً