ما هي قصة حماية ألمانيا للإرهابيين، وكيف تتعامل مع الإسلاميين المتطرفين ؟ أسئلة أثارت الكثير من الجدل في ألمانيا، بعد أن طرحها تحقيق صادم للقناة الفرنسية ( M6 ( ،التي كشفت بأن حوالي 500 من عناصر من تنظيم داعش الإرهابي، استطاعوا الوصول إلى أوروبا خاصة ألمانيا تحت دريعة طلب اللجوء . التحقيق فضح حياة إرهابي داعش السرية في ألمانيا، متسائلا عن السر وراء تستر السلطات الألمانية عن الأمر .
ذات الجدل عاد إلى الواجهة مرة أخرى، بعد قيام المعتقل الجهادي السابق محمد حاجب المقيم بألمانيا، بالتحريض على أعمال إرهابية ، داعيا المغاربة إلى القيام بعمليات انتحارية والتفجير والقتل في المغرب، حين قال في إحدى خرجاته على قناة “اليوتوب “، وبلغة تمتزج بين العربية الفصحى والدارجة المغربية : ضروري من التضحية ، أنا كنحرض الشعب المغربي ، وميت ميت… خرج فاريها معا مهم برا …ترجلو لي باغي ينتاحر ويموت ، يموت معا مهم برا ،وموتو معا الكلاب برا ( في إشارة للقوات العمومية والمسؤولين ” برا وموتو… وموتو واش سمعتو هاد موتو؟ أو ما سمعتوهاش “؟.
فمن يكون محمد حاجب وما علاقته بالإرهاب ؟، أصل الحكاية يعود إلى بداية الألفينات عندما قرر محمد حاجب السفر إلى ألمانيا بغرض الدراسة ، قبل أن يقرر السير في درب التطرف والإرهاب، فكانت وجهته الأولى هي جماعة الدعوة والتبليغ ، حيت صرح في حوار مع موقع العربي 21 ما يلي: ” أتيت إلى ألمانيا كأي طالب مغربي لدراسة الإقتصاد ، وقضيت فيها ثمانية أعوام، وحصلت على الجنسية الألمانية وهناك التقيت ببعض الطلبة المنضوين تحت ما يعرف بجماعة الدعوة والتبليغ” .
وقد حاول حاجب أن يضفي الشرعية على جماعة الدعوة والتبليغ، حين اعتبرها معروفة في العالم وليست محظورة في أي لائحة للإرهاب بتاتا، لا في أمريكا ولا في الأمم المتحدة ،أعضائهاـ حسب قوله ـ يصولون ويجولون كما أرادوا.
فهل فعلا جماعة الدعوة والتبليغ لا علاقة لها بالإرهاب؟ ، مسار محمد حاجب يذكرنا بأشخاص تورطوا في أعمال إرهابية دامية، أشخاص لم يكونوا سوى خريجي جماعة الدعوة والتبليغ، قبل استقطابهم من طرف التنظيمات الإرهابية، كان أبرزها تنظيم القاعدة ويتعلق الأمر ب : الأمريكي جوون ووكر ليند الذي قبض عليه بأفغانستان سنة 2001، وزكريا موسوي الفرنسي،المتهم بتوريطه في أحداث 11 شتنبر، والبريطاني ريتشارد ريد ” مفجر الحداء “، الذي فشل في تفجير نفسه على مثن طائرة متجهة من ميامي إلى باريس سنة 2001.
اعتقال محمد حاجب في باكستان تحيطه الكثير من المغالطات وقد حان الوقت لكشفها ، قبل سفره للجهاد في أفغانستان قام ببيع كل ما يملك لتمويل رحلته ،ولم يسافر مباشرة من ألمانيا إلى باكستان، بل ذهب إلى تركيا وبعدها إلى إيران، وهناك كان يبحث عن من يوفر له تأشيرة مزورة، بدل تأشيرة قانونية من السفارة الباكستانية بألمانيا ، واختار من مدينة مشهد بإيران مسارا وعرا عبر الجبال والتضاريس الصعبة للدخول إلى باكستان، وبعدها توجه إلى وزيرستان حيث يسود تنظيم القاعدة، وبقية قضية اعتقاله وإدانته في قضايا إرهاب يعرفها الجميع .
الغريب في الأمر ، أن ألمانيا التي رفضت سنة 2010 دخول محمد حاجب إلى أراضيها، رغم حصوله على الجنسية الألمانية، بسبب توصلها بمعلومات استخباراتية من باكستان وأمريكا تفيد تورطه في الإرهاب ، هي نفسها التي تحتضنه اليوم، وتوفر له الحماية وتتستر عن وجود تلك المعلومات فما السر وراء ذلك ؟.
فجماعة الدعوة والتبليغ التي ينتمي إليها حاجب، لم تكن سوى غطاء للتنقل إلى بؤر التوتر والإلتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وذلك ما كشفت عنه تقارير استخباراتية أكدت، ” أن القاعدة تستخدم جماعة الدعوة والتبليغ لإستقطاب عناصرها وتأمين تنقلهم ، كما كشفت وثائق أمريكية سرية نشرها موقع ويكيليكس، ” أن بعض عناصر تنظيم القاعدة استخدمت جماعة الدعوة والتبليغ العالمية التي تتخد من نيودلهي مقرا لها ، للحصول على تأشيرات وتمويل سفرهم إلى باكستان، وعاشوا لفترة في العاصمة الهندية وحولها “، كما صرح نائب مدير قسم الإرهاب الدولي بمكتب التحقيقات الفدرالية لصحيفة نيوورك تايمز، ” بأن جماعة الدعوة والتبليغ منتشرة بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتوصلنا إلى أن تنظيم القاعدة استخدمها للتجنيد سابقا، ولا زال يستعين بها لإستقطاب عناصرها “. وأوردت نفس الصحيفة في أحد أعدادها، ” بأن الجماعات الأكثر عنفا خدمها جماعة الدعوة والتبليغ غير السياسي، وقدرتها على نقل المبشرين حول البلدان وحول الحدود. وأكد جهاز المخابرات الكندي لنفس الصحيفة في تقرير حديث، ” أنه فد تكون هناك مجموعات لا تتبنى الأيديولوجية الأساسية لجماعة الدعوة والتبليغ وتدينها العميق، لكنها تستخدم غطاء هذه الجماعة من أجل تفادي ملاحقة الأمن لها ، والمشكل أن ألمانيا نفسها كانت تعلم بهذا الأمر، وكانت تحارب المتطرفين المنتمين إلى جماعة الدعوة والتبليغ، حيت قامت السلطات الألمانية سنة 2005 بطرد مواطنين بوسنينيين وآخر مغربي بسبب إنتمائهم إلى جماعة الدعوة والتبليغ، وسعيهم إلى نشر الفكر المتطرف بألمانيا حسب ما جاء في تصريحات غونتر بيكشتاين وزير الحكومة البافاريا آنداك لصحيفة ” دوتشي فيليه ” ( DW) سنة ، 2005 والذي أوضح بأن جماعة الدعوة والتبليغ تضم نحو 450 عضوفي أنحاء ألمانيا ويريد أتباعها إقامة دولة إسلامية ، كما قال في بيان ” نريد أن نوضح للمتطرفين الإسلاميين، أن الحكومة البافارية لن تتسامح مع أي شخص يريد استبدال نظامنا الحر والديمقراطي بدولة إسلامية .
إدا ما ذا تغير بين الأمس واليوم في السياسة الأمنية لألمانيا لمواجهة الإرهابيين والمتطرفين ؟وما السر وراء حماية ألمانيا للإرهابي محمد حاجب؟فهل ينتظرون أن يقوم حاجب بتعرية الحكومة الألمانية أمام الشعب عندما سيكشف عن خططه الإرهابية ؟
اترك تعليقاً